كثيرا مايذكر إذا اشتد الضيق بالرجل وتكدرت معيشته مع زوجته ويصرخ : الله يجازيك ياقاسم ياأمين !!!!
سمعت هذه الصرخة ولم أبال وقتها بمضمونها أو ما تعنيه على الخصوص ، كنا مشغولين بالزراعة والحصاد والتعليم والسعى على الرزق ، كبارا وصغارا ، صبايا وعجائز ، النساء بجوار الرجال يدا بيد ،خطوة بخطوة ، لم يكن لدينا الوقت للسفسطة والكلام الكثير ، وعيت للدنيا وهزيمة حزيران 1967 تقصم الرقاب وتحطم الكرامة ، مرض والدى يرحمه الله مرضا شديدا ، ولم يقو جسد ( خالى) على تحمل الهزيمة وهوالشاب الثورى الناصرى العروبى ، سقط فى بئر الهزيمة ولم يخرج منها ،وتاهت المعالم وضاع الطريق وتشعبت الطرق أمامه ، حزنت عليه وأشفقت من خطاه المتعثرة ، واكتفى من دنياه بوظيفة تساعده على العيش وهوالذكى والذى أمل الجميع له بمستقبل باهر ووظيفة مرموقة ، كانت هزيمة مصر عبدالناصر، هزيمة شخصية له ، لم يفق منها وسيطرت على حياته وسطرت مستقبله0
قاسم أمين صاحب كتاب( تحرير المرأة)، وكتاب (المرأة الجديدة) ،ودراسات أخرى ،لكن كتاب تحرير المرأة الكتاب الثورة الذى لايزال أثره مطروحا على بساط البحث ويطبع طبعات متعددة ، ويأخذ مجدا وينال لعنا ، ويوصم بالعمالة والتآمر،حينا ، ويشاد بموقفه ويحمد مسلكه ،حينا آخر0
ولد قاسم أمين فى أول ديسمبر 1862م بالأسكندرية لأب تركى عثمانى (محمد بك أمين )وأم مصرية من صعيد مصر ،كان والده صاحب إقطاعيات بمدينة دمنهور بمحافظة البحيرة حاليا ،تربى بمدرسة رأس التين الإبتدائية ،مدرسة الأرستقراطية من أبناء الأتراك والشراكسة والأثرياء ،ثم انتقلت الأسرة للإقامة بالقاهرة بحى الحلمية حى الأرستقراطية القاهرية ،ووالتحق بالمدرسة الخديوية (الثانوية العامة حاليا )ودخل القسم الفرنسى بها ،ثم التحق بعد ذلك بمدرسة الحقوق وحصل على الليسانس سنة 1881م وكان أول خريجيها0
عمل قاسم أمين بالمحاماة ثم سافر إلى فرنسا فى بعثة دراسية بجامعة مونبلييه ،وبعد أربع سنوات حصل على شهادة تها بتفوق ، وأثناء إقامته بفرنسا ،حدثت أحداث الثورة العرابية ، واحتلال مصر احتلالا إنجليزيا وإجهاض الثورة ونفى زعمائها 0
التقى بالأفغانى ومحمد عبده بباريس وكان مترجما خاصا لمحمد عبده 0
عاد قاسم أمين إلى مصر سنة 1885م بالنيابة ،وفى سنة 1889رقى إلى منصب رئيس نيابة ،وتدرج فى سلك القضاء متنقلا بين أقاليم مصر ،حتى رقى مستشارا ،وانتهج الإصلاح الإجتماعى منهجا له بعيد ا عن مناوئة الإحتلال والتصدى له ،فكانت القضية التى شغلته ألا وهى وضعية المرأة فى المجتمع المصرى ودعوته إلى تحريرها ،وأصدر كتابه تحرير المرأة سنة 1899م ثم أعقبه بكتاب المرأة الجديدة سنة 1900م0وانتقل إلى رحمة الله تعالى ليلة 23إبريل سنة 1908بعد أسبوع من إلقاء خطابه للدعوة إلى إنشاء الجامعة المصرية والتعليم الجامعى ،غفر الله لنا وله 0
رأى قاسم أمين فى الإحتلال :
قاسم أمين من المد رسة السياسية التى تكونت بعد هزيمة عرابى والإحتلال الإنجليزى ،وهذه المدرسة تؤمن بطريق الإصلاح طريقا للتقدم والتطور ويرفضون الثورة ، وفى ظل الإحتلال البريطانى ، كانت قيادات هذه المدرسة تتعامل مع سلطات الإحتلال كأمر واقع لا مفر منه ، وأن المد رسة الثورية التى يقودها مصطفى كامل والجلاء الفورى وتحرير تراب الوطن مسألة فيها نظر ، بل كان محمد عبده يصف خطب مصطفى كامل (نوبات صرع )!!!!!!!!!!!!!!!
وهكذا شغل قاسم أمين نفسه بقضية تحرير المرأة لا الوطن ، وعلا صوته مطالبا بإصلاح وضعية المرأة لا المطالبة بجلاء الإحتلال عن مصر ، ودبج المقالات الثورية للإصلاح الإجتماعى ، ناقدا ومستهزأا وساخرا ومتهكما من الثوريين الوطنيين 0
والمدهش والمثير للكثير من الأسئلة، أن يطلب قاسم أمين من إنجلترا أن تحمل مسئولية مستقبل مصر مادامت تمسك مصيرها بين يديها ويأمل ألا يسمح إخلاص إنجلترا بعودة الفساد الدكتاتورى مرة اخرى وأن مصر قد بدأت تنتظم بالفعل فى طريق الحضارة وأنه قد أصبحت لديها حكومة أمينة مهيبة وذات مشاعر أبوية ،وأن مصر قد دخلت عصر النظام والحرية ،وأن كل هذه الإنجازات إنما هى من فعل الإنجليز (فكل ما وجد فى مصر من الحرية والنظام والعدل ،لم يوجد ولم يستمر إلا بعمل الأجنبى ،وعلى رغم أهلها )!!!!!!!!!!