كم ذا يكابد عاشق ويلاقى فى حب مصر كثيرة العشاق
إنى لأحمل فى هواك صبابة يامصر قد خرجت عن الأطواق
لهفى عليك متى أرك طليقة يحمى كريم حماك شعب راقى
من القصائد الجميلة القريبة والمحببة إلى نفسى ، أجد هذه الأبيات على طرف لسانى وأرددها معجبا بها ، لمصر كثيرة العشاق 0
إنه الشاعر العربى المصرى صنو أمير الشعراء أحمد شوقى ومعاصره ولايذكر أحدهما إلا وذكر الآخر (حافظ وشوقى أوشوقى وحافظ ) ، كانت حياتهما حافلة ومليئة بالأحداث التى ألمت بالوطن والعالم العربى 0
إنه محمد حافظ إبراهيم فهمى ، وشهرته حافظ إبراهيم شاعر النيل ، ولد كما ذكر على لسانه سنة 1872م فى سفينة (ذهبية )ترسو على شاطىء النيل أمام بلدة ديروط فى أعلى الصعيد ، وكان يسكنها إبراهيم أفندى فهمى أحد المهندسين المشرفين على قناطر ديروط ، وأمه من أصل تركى 0
فى الرابعة من عمره ، مات أبوه ، وانتقلت إلى إلى القاهرة لتعيش فى كنف أخيها ودخل حافظ المدرسة الإبتدائية ثم الخديوية ولم صبرا على التعليم ، لكنه تعلم الإطلاع فى الأدب والشعر والشعراء والموسوعات وكتب التراث العربى0
عاش مع خاله وانتقل معه إلى مدينة طنطا وحاول أن يعيل نفسه ، فلم يجد إلا المحاما ة واشتغل بمكتب أحد المحامين ، ولكن طبعه لم يجعله دوؤبا على هذه المهنة ولم يطق صبرا ، رحل إلى القاهرة والتحق بالمدرسة العسكرية وتخرج منها ضابطا (ملازم ثان)ثم ملازم أول وذلك فى الفترة من 13/2/1891 حتى 6/5/1894
وملاحظ بوليس ثم عاد مرة ثانية لوزارة الحربية وأحيل على المعاش 1/11/1903وبعد عدة سنوات عين رئيس للقسم الأدبى بدار الكتب فى 14/3/1911وظل يعمل بها حتى إحالته على المعاش فى 4/2/1932،
وفى خلال هذه الحياة العريضة والواسعة ، كان الوطن مصر ينوء تحت نير الإستعمار الإنجليزى ، وسيف الحاكم الإنجليزى يقطع الرقاب ويستميل القادة ويرغبهم فى الأمن والأمان وينشر لهم أجنحة السعادة ويعطيهم االأموال ويجزل لهم العطايا والمزايا والمنح ويشجعهم على الصراع الداخلى والبعد عن نقده أو الوقوف ضده أو التآمر عليه ، هذا المغتصب الحقير ينسى أنه يغتصب بلدا حرا ويدمره ويقتل رجاله ويأخذ خيراته ونعمه 0
ويلتقى حافظ إبراهيم بالشيخ محمد عبده ، ويتعلق به ويصاحبه ويتعلم منه وأصبح حافظ من تلاميذه المخلصين لأفكاره ومناهجه وتعاليمه ، أصبح عضوا فى مدرسة محمد عبده التى تطالب بالإصلاح الداخلى والتطوير للأزهر والتعليم والتربية ، حتى فى ظل الإحتلال ، والوقوف عن مناوئة المستعمر بل محاولة الإلتقاء معه والتفاهم وديا ، فكل ذلك لصالح الشعب وباعتبار أن الإحتلال واقع لامفر منه ولاصراع معه 0
(000وكان منصب السكرتير الشرقى من أكبر مناصب دار المندوب السامى ،إذ كان يلى المندوب السامى مباشرة،فكان يزور حافظا فى بيته بين الحين والحين 000) من المقدمة الثانية لديوان حافظ 0
ويصبح حافظ إبراهيم من مشاهير شعراء العربية ، ومن المجيدين فى الشعر وقصائده الرائعة والجميلة يترنم بها السيارة والركبان ، بل غنت له مغنية العصر والقرن العشرين السيدة أم كلثوم قصيدة شهيرة (وقف الخلق ينظرون جميعا كيف أبنى قواعد المجد وحدى )
ويكتب أشعاره فى المراثى والإجتماعيات والسياسة ويتصدى له الدكتور / طه حسين ، ناقدا له ومثنيا عليه تارة وعاتبا تارة أخرى 0
رأى حافظ إبراهيم فى الإحتلال :
قلت وأكدت أن حافظا من مدرسة محمد عبده وأنه يسير معه خطوة خطوة ، لا يفارق منهجه ولا يثور على أفكار ه ، بل يؤيدالشيخ محمد عبده باطنا وظاهرا ، وصداقته للكثير من رجالات الإحتلال ، وكونه كان ضابطا سواء بالحربية أو الداخلية ، كانت الأطواق التى أخذت بخناقه ، ولم يكن حرا فى المقاومة والتنديد بالإحتلال ، والكفاح المسلح ضده 0
وجملة رأىَ استمده من الدراسات التى كتبت عنه والقراءة لأشعاره التى تندد بالمحتل الغاصب ،وقصيدته المشهورة تعليقا على حادث دنشواى والنيل من إبراهيم الهلباوى (جلاد دنشواى )
وفى وداع كرومر ،قال حافظ شعرا يذوب رقة وحنانا بل يشيد به لرحمته بالضعيف ،ولولا حادث دنشواى لذبنا أسى يوم الوداع لأننا نرى فيك ذاك المصلح المتوددا????!!!!!!!!!!!!!!!!